اقتصاد المعرفة .. بين شبكات التواصل والمحتوى

بقلم : خالد حسن

نتفق جميعا على أن المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت ،على رأسها الفيس بوك ، اليوتيوب ، تويتر وماي سبيس ، شكلت علامة فارقة في مفهوم الإعلام الاجتماعي، الذي ساهم في وفرة المعلومات، وزيادة التقارب والتواصل بين مستخدمي الشبكة إذ يتوقع بعض الخبراء خلال عامين إلى خمسة أعوام من الآن سيختفي السؤال عن أي المواقع تستخدم بخلاف الشبكات الاجتماعية لأن جميعها ستكون اجتماعية .

ومنذ أكثر من عامين قريبا ، وفي نفس هذا المكان ، كتبت عن الاستعداد لطرح الشركة المالكه لموقع

" الفيس بوك " في بورصة الأوراق المالية وتساءلت عما لو قرر المساهمون الجدد أن العائدات المادية تمثل محورا أساسيا ً بالنسبة لهم وأنه على مستخدمي خدمات الموقع دفع مقابل مادي " اشتراكات سنوية، للحصول على الخدمات ؟ أو ماذا سنفعل إذا كان للشركة مواقف رقابية غير عادلة ولا تتفق مع مصلحتنا ، نحن المستخدمين العرب والبالغ عددهم نحو 35 مليون مستخدم للفيس بوك حتى نهاية 2011، على غرار قرارها مؤخرا بغلق بعض الصفحات الخاصة لعدم رضاها عن المحتوى الذي تقدمه الإذاعة وهو ما يتناقد مع مفهوم الحيادية

والمساواة والشفافية كأحد أهم أسس انتشار شبكة الإنترنت .

ومؤخرا جمعتني جلسة موسعة مع بعض المديرين التنفيذيين للشركات العاملة في مجال الإنترنت ونشر المحتوى وكان سؤالي حول مستقبل مواقع الشبكات الاجتماعية العالمية " وعلى رأسها الفيس بوك " والتي أصبحت بمثابة مصفاة كبيرة لكل المعلومات والأخبار المتعلقة بمستخدمي الإنترنت في الدول العربية فهل نفتقد الإمكانات البشرية والتقنية والمالية ، لإقامة مثل هذه الشبكات الإلكترونية لتكون بديلا مناسبا وأكثر أمنا ؟ أم أننا سلمنا بالفعل بعدم قدرتنا على الدخول في منافسة إبداعية مع هذه الكيانات والتي لا يتجاوز عمرها 5 سنوات فقط ؟ وأين دول المؤسسات المعنية بالتنمية التكنولوجية والتي شكلت الداعم الرئيسي والقوي لـ

" الفيس بوك " عندما كان مجرد فكرة إبداعية لدى بعض الطلبة في الجامعة ؟.

ورغم أن البعض كان رأيه أن علينا عدم التفكير في منافسة الشبكات الاجتماعية العالمية لأنها باتت تمثل نوعا من الانتحار أو المنافسة مع طواحين الهواء إلا أن هذا يعني في الحقيقة ، بصورة ما أو أخرى ، قرارنا ترك صناعة المحتوى الرقمي ، سواء باللغة العربية أو الأجنبية ، واكتفينا بمجرد أن نكون مستخدمين فقط للابتكار والأفكار الأجنبية !.

وفي اعتقادي أن احتكار مواقع التواصل الاجتماعي العالمية على غرار "  الفيس بوك " لمستخدمي الشبكة في المنطقة العربية يثير نوعا من القلق والمخاوف المستقبلية للحد من الابتكار على الإنترنت وتحول المستخدمين العرب أسرى صومعة مغلقة للمحتوى، إذ برغم جميع الخدمات والوظائف التي يتميز بها الموقع، إلا أن تطوره يقتصر على ما تفكر به شركة واحدة فقط ولا يمكن أن يكون مستقبل شبكة الإنترنت مرهونا فقط بمجوعة محددة من الأفراد أو المؤسسات . 

وفي تصوري أن نجاح " الفيس بوك " لا يعني مطلقا غلق الباب أمام الإبداع العربي في مجال مواقع الشبكات العالمية بل إن " الفيس بوك " نفسه أزاح غيره من المواقع التي ظهرت قبله واحتل مكانها وبالتالي فالمعضلة تكمن في الفكرة الإبداعية ومن يساندها ويقدم لها الدعم لتظهر إلى النور .

فاليوم تتحدث حكومات بعض الدول عن استخدام " الفيس بوك "  لتقديم مجموعة من الخدمات كمراقبة الشوارع وتنظيم حركة المرور ومكافحة الجريمة كذلك فمع تزايد مستخدمي التليفون المحمول فإن مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي سيكون عبر الإنترنت المحمول وليس أجهزة الكمبيوتر فكيف يمكن الاستفادة من هذه التوجهات المستقبلية ليكون لنا إبداعنا العربي لتشكيل مستقبل مواقع الشبكات الاجتماعية ؟.

نطالب الجهات المعنية بتنمية الإبداع التكنولوجي والمحتوى الرقمي بضرورة وجود رؤية مستقبلية وخطة واضحة لكيفية دعم الإبداع لشبكات التواصل الاجتماعي وذلك من خلال الدعوة لورشة عمل موسعة ينظمها مركز "الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال" بالتعاون مع هيئة " إيتيدا " والجمعيات والغرف والاتحادات المجتمعية ، التي تضم شركات التكنولوجيا ، للوقوف على مستقبل الإبداع في صناعة المحتوى الرقمي .

وللعلم نجاح شركة " راية " لوسائل التواصل الاجتماعي"Raya  Social Media"، في إطلاق أول شبكة اجتماعية في مصر "أشارك OshareK" تفتح الباب على مصراعيه أمام مزيد من الشبكات الاجتماعية المحلية والتي تستهدف إجراء مناقشات وعرض المحتوى المناسب مع طرح حلول بنائه وتبادل الخبرات التي تخص الواقع المحلي ، بداية من الشارع والمنطقة والمدينة وصولاً للمحافظة ، بحيث يكون الجميع على دراية بالمشكلة " لانتمائه لموقع جغرافي واحد ، ومن ثمة أقدر على وضع الأفكار الابتكارية وذلك على غرار إقبال المستخدمين على الشبكات الاجتماعية المحلية في الدول النامية كالصين والهند والبرازيل وإندونيسيا .

في النهاية  نؤكد أن دور الشبكات الاجتماعية أو مواقع المحتوى الرقمي بصورة عامة عبر الإنترنت لا يتوقف دورها عند مجرد تبادل الأفكار والتعرف بين المستخدمين وإنما يمتد دورها لتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة إذ كشفت دراسة أجراها مكتب" ديلويت " البريطاني أن موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حقق في عام 2011 نحو 232 ألف فرصة عمل بشكل غير مباشر في دول الاتحاد الأوروبي كما أن فرص العمل التي حققها فيس بوك بلغت قيمة أنشطتها الاقتصادية نحو 3ر15 مليار يورو الأمر الذي يؤكد أهمية صناعة المحتوى الرقمي لفتح الآلاف من فرص العمل الجديدة ومكافحة البطالة وكذلك التنمية الاقتصادية ودخول ما يعرف باقتصاد المعرفة .

مجرد تساؤلات

• §       جدول زمني لتسليم السلطة .. فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة يوم 15 أبريل 2012 , الرئيس يستلم قبل 30 يونيو 2012 ، لجنة انعقاد الدستور مع انتهاء انتخابات مجلس الشورى يعني 22 فبراير 2012 لإعداد الدستور قبل استلام رئيس الجمهورية الجديد . حد يفهمنا أين المشكلة ؟ يجب أن ندرك أن الغالبية من الشعب لن ترضى بتسليم السلطة الآن أو انتقالها بشكل استثنائي لا لمجلس الشعب ولا لغيره .

• §       يقال دائما إن الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة ومن ثمة فمع احترامنا الكامل لدماء أبناء الوطن إلا أننا في نفس الوقت يجب أن نحترم قرار الحكم الصادر من محكمة جنايات شمال القاهرة ببراءة أحد ضباط الشرطة ، المتهم بقتل المتظاهرين في عين شمس ، وأن التهديد  بتصاعد الغضب بين أسر شهداء السويس ومقاطعتها للقضاء بسبب هذا الحكم أمر يثير علامة استفهام كبيرة لماذا الإصرار على التهديد بالدماء رغم أنهم أخذوا التعويضات المالية ولم أسمع أن أحدا رفضها وقال إنه قدم ابنه فداء للوطن ؟ .

• §       حذرت وزارة الخارجية الأمريكية مواطنيها في أماكن متنوعة حول العالم من احتمال وقوع أعمال عنف وإرهاب ضدهم في عدد من البلاد وخصوصا منطقة الشرق الأوسط وأن مصر تأتي على رأس هذه البلاد . السؤال هل فعلا الولايات المتحدة جادة في دعم ومساندة الربيع العربي وتحقيق الشعوب العربية الحرية الاقتصادية ؟ .