 الحكومة الإلكترونية .. والتناقض في الخدمات

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

	الحكومة الإلكترونية .. والتناقض في الخدمات

 بقلم : خالد حسن

" فوت علينا بكرة " .. " يوم الحكومة بسنة " .. " النظام متعطل " .. " الموظف مش على مكتبه " كلها عبارات اعتاد المواطن على سماعها عند التعامل مع أي جهة حكومية للحصول على خدمة ما، بل إن بعض كبار مسئولي الحكومة أنفسهم يعترفون بوجود هذا الخلل والتحديات.. لذا كان مفهوم " الحكومة الإلكترونية " ، الذي تقوده حاليا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات " والذي يرفع شعار التنمية التكنولوجية كأحد أهم مكونات متطلبات التنمية الشاملة، وكونها بمثابة العمود الفقري لتطوير وتحسين كل الخدمات الحكومية بلا استثناء .
ومنذ شهور قمت بالذهاب إلى مكتب الشهر العقاري بمصر الجديدة الا ان حالته بات مثار شكوى غالبية سكان المنطقة منذ 5 سنوات بعد عودة عمل المكتب لطريقة العمل اليدوية ، بعد ان كان نموذج للمكاتب التي تم ميكنتها وتعظم الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وبالفعل أصبت بالمفاجأة من تدنى مستوى جودة الأداء ،بعد أن تمت عملية ميكنة وتطوير هذا المكتب، الا ان الصديق العزيز المهندس خالد العطار رئيس قطاع البنية المعلوماتية بوزارة الاتصالات طلب منى الاسبوع الماضى زيارة لمكتب بعد تطويرها ـ ضمن ال 10 مكاتب التى تم ميكنتها ـ مما سهل الخدمات المقدمة للمواطن بصورة كبيرة جدا وجعل المواطنين يؤمنون بأهمية دور التكنولوجيا في تطوير خدمات الحكومة .
ولكن على النقيض تماما، وفي تجربة أخرى مع إحدى المؤسسات الحكومية في مكتب التأمينات بحي الدقي لك أن تتخيل أن عملية استخراج " شهادة بيانات " من جهاز الكمبيوتر الخاصة بوزارة التضامن الاجتماعي عليك أن تذهب لمكتب محدد التابع له تأميناتك ، رغم أن هناك شبكة موحدة لمكاتب الوزارة ، بل الأدهى أن عليك أن تتعامل مع 8 موظفين بلا مبالغة، والوقوف في 8 طوابير متتالية ، إذ يوجد جهاز كمبيوتر واحد فقط تتعامل معه موظفة غير مؤهلة تكنولوجيا ، وحتى يمكنك الحصول على هذه الشهادة مختومة من رئيس المكتب عليك ان تتحلى بأقصى درجات الصبر، وضبط النفس. وفى زيارة لمكتب تأمينات النزهة الجديدة ، لاستخراج شهادة تأمين سائق ، لك أن تتخيل مستوى تدني الخدمة وتواضعها، ولا أريد أن أقول الاستهتار بكل حقوق المواطن ، كعميل للحكومة ، ويكاد يصل إلى استعباد المواطن الذي يحتاج إلى الخدمة للالتزام بالقانون الذي تشرعه الحكومة !!
وفي مثال ثالث للتعامل مع الأجهزة الحكومية ذهبت لتجديد رخصة سيارة ابني في مكتب مرور النزهة، والذي اعتبرته مثالا لكل جهة أو مؤسسة حكومية تتعامل مع المواطن على أساس أنها خادمة له، وليست ولاية الأمر من خلال تطبيق مفهوم " الشباك الواحد "، فبمجرد دخولك للمكتب تحصل على رقم وتنتظر دورك عبر شاشة إلكترونية لتذهب إلى الموظف المختص ليعرف ماذا تريد، وعبر شاشة الكمبيوتر الذي أمامه يقوم بإنهاء الخدمة وإصدار إيصال الدفع، لتستريح بعد ذلك في الاستراحة المخصصة لتنتظر استلام الرخصة ، وبصرف النظر عن التأخر قليلا في التسليم ، إلا أنه بشكل عام فإن الخدمة كما قلت سابقا نموذج إيجابي لبرنامج الحكومة الإلكترونية، وكيفية تعظيم الاستفادة من الحلول التكنولوجية من أجل تحسين الخدمة للمواطن .
وفي مثال رابع للتعامل مع أحد الأجهزة الحكومية ، التي ترفع شعار الحكومة الإلكترونية ، وهي مكاتب السجل المدني بهدف استخراج شهادة ميلاد إلكترونية، ورغم وجود نحو أكثر من 5 أجهزة كمبيوتر وموظفين يجلسون خلف الشاشات إلا أن اثنين منهم يؤكدون أن النظام متوقف والباقي يتزاحم أمامه المواطنون بصورة أقل ما توصف أنها غير حضارية هذا ناهيك عن التعامل اللا إنساني للموظفات مع المواطنين بما يعيد للذاكرة الصور البغيضة للموظف الحكومي البيروقراطي، الذي يجد لذة غريبة في التحكم وتعذيب المواطنين أمامه ! ولا داعي للاستطراد أكثر من ذلك .. حتى لا يقال إننا غير موضوعيين، ولا نرى الجانب الإيجابي .
ومع اعترافنا بالمحاولات الجادة التي تقوم بها الحكومة ، ممثلا في المشروعات التي طرحتها أو تطرحها وزارة الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات ، في مجال ميكنة العديد من الخدمات الحكومية إلا أن الأمر يحتاج بالفعل إلى اعتبار الحكومة الإلكترونية أنه مشروع قومي تسخر له الإمكانيات البشرية والمالية والفنية واللوجستية بما يؤدي إلى سرعة الإنجاز في مجال تطوير كل الخدمات الحكومية .. ليس على مستوى القاهرة والإسكندرية فقط، وإنما كل المحافظات حتى تكسب الحكومة ثقة المواطن في قدرتها على التطوير وتحسين حياة المواطن، وتحقيق مطالبه في مستوى خدمة متميز اوعلى الاقل يجعل المواطنين يتناسون ارتفاع أسعار الخدمة لقناعتهم بقيمة ما يحصلون عليه من مستوى خدمة احترافي يرتقي إلى تطلعاتهم ويراعي أن وقت المواطن مهم .
وفي تصوري أن نجاح مشروع الحكومة الإلكترونية في تحقيق أهدافه يعتمد في المقام الأول على مدى قدرة الموظف الحكومي على تغيير سلوكه تجاه المواطنين، والتعامل معهم على أساس أنهم عملاء له؛ يجب أن يسعى لإرضائهم وليس كما يحدث الآن من ممارسات تشعر المواطن بعدم آدميته وإهدار كرامته .
نريد أن يكون هناك برنامج تدريبي، يهدف إلى تغيير ثقافة الموظف الحكومي عند تعامله مع المواطنين " فليس هناك أحد فوق العقاب أو القانون " ومن ثمة فالمهم أن يكون لدى كل رئيس إدارة في أي جهة حكومية برنامج يسمح له بقياس مستوى أداء كل موظف، وتقييم سلوكه مع المواطنين، على أن يكون نظام الحوافز والترقيات وفقا لإنتاجية هذا الموظف بما يدفع الجميع إلى تلبية احتياجات المواطن بنفس طيبة .
في اعتقادي أن أحد أهم الخطوات للقضاء على البيروقراطية الحكومية، وتحسين أداء الموظفين الحكوميين، هو وضع نظام متابعة ورقابة صارمة تساعد على معرفة مستوى أداء الموظفين لواجبات وظيفتهم، كذلك فإن إتاحة الفرصة للمواطنين للتقدم بشكاواهم عبر بوابة إلكترونية " على غرار خدمة شكاوى السائحين على بوابة الحكومة الإلكترونية www.egypt.gov.eg " أو من خلال كول سنتر، بما يمكن القيادات في الهيئات والجهات الحكومية من معرفة مدى جدية الموظفين الذين يعملون مع الجماهير، وبما يساهم بالتأكيد في تغيير الصورة القاتمة الراسخة لدى المواطن من عدم الكفاءة، وسوء معاملة الموظف الحكومي، وإعادة الثقة المفقودة للمواطن في كل ما هو حكومي تدريجيا .
نطالب المهندس ياسر القاضي ـ وزير الاتصالات والتكنولوجيا ، وفريق العمل معه ، بالبدء بشكل فوري في وضع نظام إلكتروني لتلقي الشكاوى من المواطنين من سوء مستوى الخدمة في كل الجهات الحكومية، وإعلان الموقع الإلكتروني أو رقم التليفون الخاص بتلقي هذه الشكاوى في مكان ظاهر في كل مؤسسة حكومية، مع ضرورة وجود آلية عمل توضح كيفية تعامل الجهات الحكومية مع الشكاوى المقدمة لها، وإرسال خطاب بريدي للمواطن " احتراما لحقوقه " يشرح له كيفية حل مشكلته بما يساعد في النهاية على تحقيق جو صحي وإيجابي لتطبيق مفاهيم " مجتمع المعلومات " و " الحكومة الإلكترونية " ورفع شعار " المواطن العميل " .
مجرد تساؤلات

 الغلاء يتوحش .. بعد صدور قرارات تنظيم الاستيراد ، ورفع الرسوم الجمركية على بعض السلع ، تحت شعار حماية الصناعة الوطنية فإن المواطن سيتحمل أعباء إضافية جديدة دون أن تعلمنا الحكومة ما الآليات التي اتخذتها لوقف جموح ارتفاع الأسعار بالسوق المحلية، وهو ما يهدد بحالة ركود أكبر في الأسواق .. الأمر كان يحتاج إلى مناقشة مجتمعية مع الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتنمية التجارية والصناعية وجمعيات حماية المستهلك ، ومتى ننتهي من القرارات الحكومية الفجائية غير المدروسة بدقة ؟
 التواصل مع المواطن .. نأمل أن نرى قريبا إطلاق خدمة بريد إلكتروني لكل مواطن مصري يسمح له بالتعامل به مع كل الجهات الحكومية لحين تفعيل خدمات التوقيع الإلكتروني، والتي لا نعرف سر تأجيلها المستمر من عام لآخر لتعاملات المواطنين !!
 قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية .. الإيقاع السريع لتطور الجريمة الإلكترونية وذكاء الجناة يتطلب منا ضرورة اليقظة .. خاصة أن تعقب هؤلاء الجناة ربما يكون معقدا تقنيا، ويصعب من عملية الوصول إلى الجناة .. الأمر كذلك من المهم أن نضع على أجندة أولوياتنا للتنمية التكنولوجية وبناء مجتمع المعرفة تفعيل التعاون مع الكثير من دول العالم المعنية بمكافحة الجريمة الإلكترونية لتطبيق منظومة متكاملة لأمن المعلومات على الشبكة العنكبوتية، وحماية البنية التحتية للاتصالات ـ للمجتمع الدولي ككل ـ والعمل على توفير آليات لتبادل المعلومات على الويب بصورة موثوقة، وذات مصداقية عالية مع علاج نقاط الضعف الأمنية لشبكات المعلومات ـ الحالية والمستقبلية ـ بصورة فورية ...فهل نشهد هذا العام إصدار قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية ؟

مشاركات القراء