 مواجهة الإرهارب .. مسئولية جماعية

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

	مواجهة الإرهارب .. مسئولية جماعية

 بقلم : خالد حسن
يخطئ من يظن أن مواجهة الإرهاب هي مسئولية أبنائنا من رجال الشرطة والقوات المسلحة فقط، وإنما هي مسئولية كل مصري .. يعيش على أرض هذا الوطن، كل في مجاله، وفي محيطه فلا يجب أن يكون للإرهاب أي ظهير شعبي، أو مكان على أرض الكنانة. فمن يستحل سفك دماء المصريين ليس مصريا، ولا يستحق أن يحمل الجنسية المصرية .
ونعلم أن تشريعات الإسلام الربانية دعت إلى ما يحافظ على عرض المسلم ، ودمه ، وماله ، ومن أجل ذلك كان تحريم جرائم " القتل ، والسرقة .. " وجاءت العقوبة مغلظة لمن أرهب الناس وأخافهم ، مثل عصابات قطَّاع الطرق ، ومن يفعل مثل فعلهم داخل المدينة ، وهؤلاء هم الذين يسعون في الأرض فساداً ، وحكم الله عليهم بأشد العقوبات كفّاً لشرهم ، وحفظاً لأموال الناس ودمائهم وأعراضهم .
بل إن الدين الإسلامي حرَّم على المسلم إخافة أخيه ، ولو مازحاً مصداقا لقول رَسُولَ الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ( لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِبًا وَلاَ جَادًّا ، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ ) وقوله ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ) .
وأتذكر عند حضوري لأحد مؤتمرات مكافحة الإرهاب، ونبذ الإسلام للعنف ، منذ أكثر من 10 سنوات، أن علماء الدين قاموا بتقسيم الإرهاب في الإسلام إلى نوعين: الأول "ممدوح " وهو تخويف العدو خشية اعتدائه على المسلمين ، واحتلال ديارهم ، ويكون ذلك بالاستعداد الكامل بالتسلح بالإيمان ، والوحدة ، والسلاح، والإسلام، فها هي الدول تتسابق في الصناعات العسكرية ، وفي التسلح بالأسلحة التدميرية ، وبإنشاء الجيوش الجرارة ، وبعمل الاستعراضات العسكرية لجنودها وأسلحتها ، وكل ذلك من أجل إظهار قوتها ؛ لإخافة أعدائها ، من أن تسول لهم أنفسهم الاعتداء عليها. أما النوع الثاني من الإرهاب فهو " مذموم " وهو تخويف من لا يستحق التخويف ، من المسلمين ، ومن غيرهم من أصحاب الدماء المعصومة ، كالمعاهدين ، والمستأمنين ، وأهل الذمة .
كما عرف " المجمع الفقهي الإسلامي " الإرهاب بأنه العدوان الذي يمارسه أفراد ، أو جماعات ، أو دول ، بغياً على الإنسان ( دينه ، ودمه ، وعقله ، وماله ، وعرضه ) ، ويشمل صنوف التخويف ، والأذى ، والتهديد ، والقتل بغير حق ، وما يتصل بصور الحرابة ، وإخافة السبيل ، وقطع الطريق ، وكل فعل من أفعال العنف ، أو التهديد ، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي ، فردي ، أو جماعي ، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس ، أو ترويعهم بإيذائهم ، أو تعريض حياتهم ، أو حريتهم ، أو أمنهم ، أو أحوالهم ، للخطر ، ومن صنوفه : إلحاق الضرر بالبيئة ، أو بأحد المرافق ، والأملاك العامة ، أو الخاصة ، أو تعريض أحد الموارد الوطنية ، أو الطبيعية ، للخطر ، فكل هذا من صور الفساد في الأرض ، التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها مصداقا لقوله تعالى (وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) .
في الحقيقة فإننا نرفض أن يلصق البعض الإرهاب بالدين الإسلامي، فسماحة وتعاليم الإسلام بعيدة كل البعد عن الإرهاب، والعنف، بل على العكس تماما فإن رحمة هذا الدين بالإنسان واحترامه لكرامة المرء، وتقديس روحه، وحياته، لا حدود لها. فحفظ الأنفس وحمايتها ضرورة دينية، ومصلحة شرعية، وفطرة سوية، وطبيعة بشرية، وغريزة إنسانية. ودماء الإنسان عند الله مكرمة ـ محترمة ـ مصونة، ومحرمة، لا يحل سفكها، ولا يجوز انتهاكها إلا بحق شرعي. وقتل النفس المعصومة عدوان آثم، وجرم غاشم، وأي ذنب هو عند الله أعظم بعد الشرك بالله من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؟! لما في ذلك من إيلام المقتول وإثكال أهله، وترميل نسائه، وتيتيم أطفاله، وإضاعة حقوقه، وقطع أعماله بقطع حياته، مع ما فيه من عدوان صارخ على الحرمات وتطاول فاضح على أمن الأفراد والمجتمعات.
فى تصوري أن تيار الأحزاب السياسية " المتأسلم " يجب أن يكون نموذجا في نبذ العنف والإرهاب بل وتجريم كل من يروج، أو يمارس أي صورة من صور الإرهاب ضد أبناء وطنه، ولكن للأسف لما نشهده الآن. إن هذا التيار السياسي هو أول الداعين للإرهاب والعنف .. بل أول المحرضين عليه .. فكيف نسمح لعبارات عن رش الدماء والسحل والقتل من أناس يدعون أنهم يعلمون صحيح الدين، وأنهم دعاة لنشر رسالة السماحة لسيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم " ـ والدين منهم براء .
من المهم أيضا أن نعلم أن "الإرهاب" ظاهرة عالمية ، لا تنسب لدين ، ولا تختص بقوم ، وهو سلوك ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة ، وأن التطرف يتنوع بين تطرف سياسي ، وتطرف فكري ، وتطرف ديني ، ولا يقتصر التطرف الناتج عن الغلو في الدين على أتباع دين معين ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى غلو أهل الكتاب في دينهم ، ونهاهم عنه ، فقال في كتابه الكريم " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ " صدق الله العظيم .
نؤكد أن كون بعض المنتسبين إلى الإسلام تصدر منهم بعض التصرفات الخاطئة - إما عن جهل أو عن قصد سيئ - فإن ذلك لا يجب ان ينسب إلى الإسلام ؛ لأن الدين الإسلامى ينهى عن ذلك وطريق الخلاص من هذا الاتهام السيئ للإسلام هو أن نوضح أن أفعال هؤلاء الأشخاص ليست من الإسلام ، وإنما هي تصرف شخصي ، وأن كل مسلم عرضة للخطأ ، وليس هناك معصوم إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم .
في النهاية نؤكد أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي الشعب المصري لتأييد القوات المسلحة والشرطة المصرية في مكافحة الإرهاب والعنف هو مطلب مشروع يتسق مع واجبات الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة لحماية جميع مواطنيها من أي أخطار داخلية أو خارجية تهدد استقرار الدولة، وهو ما تقوم به غالبية دول العالم ـ ولذلك ليس من المفهوم أن يعتبر التيار السياسي " المتأسلم " أن هناك رسالة موجهة إليه لمحاربته أو قتاله إلا إذا كان ينظر إلى نفسه أنه يمارس أعمالا إرهابية يعاقب عليها القانون .

مشاركات القراء