 الترددات (Frequencies)

 بقلم : د. محمد عدلي

تعتمد الاتصالات اللاسلكية على انتشار الموجات ذات الترددات المختلفة في الوسط الهوائي الناقل لها وذلك لكى تتمكن من الانتقال من مكان لآخر حاملة معها الإشارات الكهربية المراد نقلها. والأمثلة على الاتصالات اللاسلكية فى حياتنا كثيرة فهى تبدأ بالأقمار الصناعية الناقلة لإرسال القنوات الفضائية ثم تأتي القنوات الأرضية وإرسالها عبر المحطات اللاسلكية الأرضية وينضم إليها شبكات الهاتف المحمول وكذا شبكات الواي فاي التي تختص بنقل المكالمات الصوتية والبيانات معاً. ويدور دائماً الاختلاف بين هذه الشبكات وتقنيات الاتصال بها حول التردد الذي تستخدمه الموجات اللاسلكية الخاصة بكل نوع من هذه الشبكات على حدة وكذلك في المساحة التي يمكن لكل وحدة مستخدمة من هذه الشبكات لتغطيتها ولا يفوتنا أن نذكر أن كل من التردد والمساحة مرتبط بالآخر فيزيائياً.
وفي الأصل تعتبر الترددات المستخدمة في انتشار الموجات اللاسلكية من الموارد الطبيعية المملوكة للدولة والتي يجب أن تخضع لإدارتها بشكل كامل، ومن حق الدولة وحدها أن تقوم بتخصيص الترددات التي يسمح باستخدامها في مختلف أنواع الاتصالات اللاسلكية والتي ذكرنا أمثلة منها. ويعمل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر على القيام بهذه المهمة الصعبة كونه جهازاً مستقلاً يترأس مجلس إدارته وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحكم منصبه. والمهمة الفنية لإدارة الترددات تقوم على ضمان عدم التداخل فى الترددات المستخدمة بين مختلف تقنيات الاتصالات اللاسلكية بين بعضها البعض وذلك عن طريق إصدار التراخيص الخاصة بتخصيص الحيز الترددي المتاح لكل نوع منها والذي يجب أن يكون منفصلاً عن أي حيز ترددي آخر يتم استخدامه في ذات الوقت.
ومع تطور الاتصالات اللاسلكية بدأ التليفزيون الرقمي في الظهور وهو نوع من البث الرقمي للإرسال التليفزيوني يتيح للمشاهد العديد من الخدمات التفاعلية مع المادة الإعلامية التي تتم مشاهدتها،كما يسمح هذا النوع من البث بمشاهدة المادة الإعلامية المرئية بنقاوة صورة صوت عالية الجودة الأمر الذي دفع العديد من الدول المتقدمة إلى تبني هذا النوع من البث الرقمي للتليفزيون. وجدير بالذكر قيام المؤسسة الدولية العالمية المعروفة باسم الاتحاد الدولي للاتصالات، وقد نوه الاتحاد الدولي للاتصالات إلى ضرورة تحول جميع دول العالم إلى هذا النوع من البث في أقرب وقت ممكن وذلك تمهيداً لإلغاء النوع التقليدي للبث والجاري استخدامه حالياً في مصر وغيرها.
أما فيما يتعلق بالجيل الرابع للتليفون المحمول فقد اشترط الاتحاد الدولي للاتصالات تخصيص حيز ترددي مناسب يسمح لشركات الهاتف المحمول بأن تقوم بتقديم الخدمات المتاحة لهذا الجيل الجديد من الاتصالات. والمشكلة أو لنقل الصراع القائم الآن يدور حول مدى ملاءمة الحيز الترددي الذي تم تخصيصه من قبل الجهاز القومي للاتصالات في مصر لشركات المحمول كى تتمكن من استغلاله وتقديم خدمات الجيل الرابع من الاتصالات من خلاله، تلك المشكلة التي نأمل في التوصل إلى حل لها فى أقرب وقت حتى يتمكن مستخدم الاتصالات في مصر من مواكبة التكنولوجيات العالمية في هذا الإطار والتمتع بالخدمات المتميزة التى يتيحها الجيل الجديد من الاتصالات وكذا السرعات العالية التي ستتوافر لنقل البيانات على الإنترنت بكل أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية وبجودة عالية وفي زمن أقل.