الفساد .. الوحش الذي يأكل الابتكار !

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

الفساد .. الوحش الذي يأكل الابتكار !

بقلم : د. غادة عامر
يعد الابتكار مفتاحًا لتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية والرخاء في أي دولة، لأن الابتكار يعد الأساس في دعم الاقتصاد المبني علي المعرفة، هذا الاقتصاد الذي أصبح يشكل أكثر من 75 في المائة من الاقتصاد العالمي وأصبح محركاً قوياً للتحولات الاقتصادية والاجتماعية، لأنه قائم على المزج بين النظامين الاقتصادي والاجتماعي المعاصر. ولا بد من أجل توليد الابتكارات، من العمل على إنشاء بيئة ملائمة تضمن توليد المعرفة ونشرها وتوظيفها والاستفادة منها، وتوطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير في كل النشاطات المجتمعية التي تساعد على تحويل الأفكار إلى أعمال ابتكارية وإبداعية في مجال الاستثمار في كل قطاعات الدولة. فإذا كانت الدول المتقدمة ما زالت تسعى وبقوة لدعم هذا الاقتصاد لرفع الإنتاجية لابتكار سلع وخدمات جديدة ترفع من مستوى المعيشة
وتحقق الأمن القومي القائم علي الشعب المبتكر، فتجد مثلا الرئيس الأمريكي باراك أوباما يشدَّد على أهمية الابتكار في تحقيق الانتعاش الاقتصادي في معظم خطاباته . فمنطقتنا العربية بلا شك في أمس الحاجة إلى بناء مجتمع قائم على المعرفة والابتكار خاصة في ظل الظروف الحرجة التي تعيشها منطقتنا.
إلا أن الفساد والابتكار لا يمكن أن يتعايشا معًا. ومن ثم، إذا أرادت الدول
والحكومات والأفراد اتخاذ طريق الابتكار؛ وأن تحصد أفضل ثمار الابتكار، فيجب عليها أن ترجح كفة المنافسة والعمل الجاد على كفة الاعتماد على العلاقات الشخصية والمحسوبية والواسطة. فإذا أردت أن تعرف إلى أي مدى وصل الفساد في بلد ما، يمكنك أن تتنبأ بدقة قدر الفساد بقدر قلت الابتكار والإبداع في ذلك البلد. ففي الاتحاد الأوروبي، ترتبط قدرة القطاع الحكومات على الابتكار ارتباطًا قويًّا بمكافحة الفساد.
ويمكن تعريف الفساد بأنه سوء استخدام السلطة العامة، من أجل تحقيق مصلحة خاصة، حيث ينتج عنه توزيع الموارد والثروات العامة توزيعًا جائرًا. أمّا مكافحة الفساد، فيعرف وفقًا لتقييم البنك الدولي، بقدرة المجتمع على منع السلطات – بجميع مستوياتها - من توزيع السلع والموارد العامة توزيعًا يخدم مصالحها الخاصة. فتجد دائما ان الابتكار يكاد يكون معدوما في الدول التي تحتل الثلث الأعلى من مقياس مكافحة الفساد. أما الدول التي لها استراتيجية واضحة وقوية في محاربة الفساد كأمريكا و نيوزيلندا وكندا واستراليا وسنغافورة أو اليابان فتجدها تقدم ابتكارات بشكل شبه يومي ومحصلة إنتاجها المعرفي تكون قوية.
فمثلا تجد أن معظم دولنا العربية دول غنية بكل أنواع الثروات - حتى لو حاول البعض إقناعنا بغير ذلك - لكن لان المحسوبية والوساطة تنتشر انتشارًا مهولا فيها، وأن العلاقات والمعارف الشخصية هي العامل الحاسم في إتمام الخدمات في القطاع العام، بدءًا من تخصيص معظم الوظائف المهمة، وانتهاء بتوزيع المخصصات المالية التي تضخها الدولة في مجال البحوث ودعم الابتكارات
وريادة الأعمال. فتجد معظم من هو مهتم بموضوع الابتكار والبحث العلمي يشعر بسيادة مبدأ المحسوبية، وأن الأمر يدور في حلقة مفرغة، فالمعظم لا يعتقد أن الكفاءة والجدارة المعيار الفاصل في اختيار الأفراد أو لدعم البحوث أو الفكرة.
وبالتالي تجد أن معظم المواهب تفر إلى البلاد التي تؤمِن بمعايير الكفاءة والجدارة، أو أنهم يتوقفون عن الإنتاج، مما يتسبب في المزيد من تآكل مسيرة التنمية في البلاد.
ففي بعض الدول تجد أن أصحاب السلطة يخشون من تهديد صاحب الموهبة لغايتهم الرئيسة - السيطرة على السبل المؤدية إلى الموارد العامة والخاصة –
وبالتالي يتعمد تهميش العلم والبحث العلمي والابتكار. والغريب في الأمر، أنه من المتعارف أن الأشخاص الذين وصلوا إلى مستويات علمية راقية عادةً ما يعلنون كراهيتهم للفساد، إلا أنك تجد عدد من يشارك منهم في الفاسد و بقوة لا يقل عن الأشخاص الذين وصلوا إلى مستويات علمية أو وظيفية تقليدية!!!!
إن دعم الابتكار عن طريق محاربة الفساد هو الأساس لتحقيق مطالب الشعوب -العيش والحرية والعدالة الاجتماعية- ومعالجة الفاسد بوصفة مختصرة يكون بأن يرتكز أساس التقدم على الكفاءة والجدارة، وأن تختفي المحسوبية أو علي الأقل تقل، وبأن تعزز الحكومات والأسواق قيمة العمل الجاد، وأن تكون هناك رقابة قوية علي توزيع الأموال المخصصة للبحوث والتعليم على أساس تنافسي، وأن يكون هناك فحص دقيق للإنفاق العام؛ من أجل بلوغ الأهداف المرجوة من العلم والتكنولوجيا. وحقيقي أن وصلنا إلي هذه المرحلة سوف نحصد ثمار الرفاهية والرخاء وتعود أمتنا إلي المقدمة، صرخة لكل قياداتنا اقتلوا وحش الفساد كي لا يأكلكم قبل أن يأكلنا !

مشاركات القراء