تعرّف على المدن التي تحدد معايير الطاقة النظيفة عالمياً

ربما سمع البعض منكم بمدينة بيرلنجتون في فيرمونت في الولايات المتحدة. وهي مدينة صغيرة نسبياً تحاذي بحيرة تشامبلاين على الساحل الغربي للولاية، ولم يتجاوز التعداد السكاني فيها 40,000 نسمة في 2013. وهي أيضاً موطن السيناتور الأمريكي والمرشح الرئاسي الديمقراطي السابق بيرني ساندرز.
هناك أيضاً ما يميز بيرلنجتون عن أي مدينة أخرى في أمريكا، وهو شيء نأمل أنه سيكون نموذجاً تعتمده السلطات البلدية للمبادرات البيئية.
تعتبر بيرلنجتون أول مدينة تعتمد كلياً على الطاقات المتجددة في البلاد. وتحصل على الكهرباء من محطة توليد كهرمائية على بعد نصف ميل من المدينة، وأربع توربينات ريحية على جبل جورجيا المجاور، إضافة إلى محطة ماكنيل لتوليد الكهرباء، والتي تقدم ما يقارب من نصف احتياجات الكهرباء للمدينة اعتماداً على الأخشاب المحلية والمستدامة كلياً. حتى إن المطار مغطى بالألواح الشمسية، ولم يشهد السكان تزايداً في تكاليف الطاقة الكهربائية منذ 8 أعوام. وتعمل المدينة على خطط للمزيد من محطات الشحن للسيارات الكهربائية، ومسارات ممتدة للدراجات، ومجموعة من تجهيزات استرجاع الحرارة المهدورة (التي يتم طرحها في الهواء) للمباني في وسط المدينة، مما يجعلها قدوة لنا جميعاً.

ولكن على العموم، لم يكن هذا الإنجاز بالأمر السهل، كما يشهد تاريخ المدينة أثناء انتقالها من مجرد تجمع صناعي خامل إلى مدينة تحدد التوجهات العالمية في مجال الطاقة الخضراء. وهو إنجاز مذهل، نظراً لتراخي الولايات المتحدة في التزاماتها تجاه التغير المناخي.
في يونيو 2013، شكّل الرئيس الأمريكي السابق أوباما خطة الإجراءات المناخية، وهي وثيقة من 21 صفحة، توضح الخطوط العريضة لاستراتيجية التخفيف من التلوث الكربوني، إضافة إلى خطوات لتحضير البلاد للآثار الناتجة عن تفاقم التغير المناخي الذي سبّبه الإنسان. وتقدّم الوثيقة بعض الأمل فيما يتعلق بإعطاء هذه المسائل الأولوية التي تستحقها في الأعوام المقبلة.
أشارت إدارة ترامب المقبلة إلى نيتها رسم سياسة جديدة للطاقة، الأمر الذي لا يزال غامضاً حتى اللحظة، مما يجعل مصير المبادرات الوطنية للطاقة النظيفة غامضاً أيضاً، ولكن بما أن الولايات المتحدة جمهورية فيدرالية - تتمتع كل ولاية بحرية تطبيق أية برامج ترغب بها للطاقة النظيفة - ونظراً لارتفاع درجات الحرارة في البلاد إلى مستويات قياسية غير مسبوقة منذ بدء تسجيلها في 1880، فإنه من المهم أكثر من ذي قبل أن نقتدي ببيرلنجتون والتزامها بمستقبل قريب من الطاقة المستدامة كلياً.
مدن أخرى في الصدارة
لنأخذ مدينة لاس فيجاس كمثال. فقد أعلنت حكومتها المحلية في ديسمبر المنصرم أنها أصبحت تعتمد على الطاقات المتجددة بشكل كلي. وقد تمكنوا من شراء كهرباء تم توليدها بدون انبعاثات كربونية، وذلك من مصفوفة عملاقة للألواح الشمسية تسمى بولدر سولار 1، ويخطط المسؤولون لاستخدامها لتزويد 140 مبنى ومنشأة بالكهرباء، إضافة إلى إضاءة الشوارع. وسيوفر تغيير مصادر الطاقة على المدينة ما يقارب من 5 ملايين دولار من المصاريف.
وبالانتقال بعيداً إلى مكان آخر من العالم، نجد مدينة أرهوس التي تحقق نقلة خاصة بها مثيرة للإعجاب. حيث بنت أكبر بلدية في الدنمارك أول محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في العالم لتقوم بتوليد الكهرباء من الفضلات السائلة ومياه المجاري. حيث تم تحديث محطة مارسيليبورج لمعالجة مياه الصرف الصحي وبالتالي توليد ما يكفي من الكهرباء لتشغيل نفسها، ويتم استخدام فائض الكهرباء لضخ مياه الشرب النظيفة إلى أكثر من 200,000 نسمة من السكان.

وفي العام الماضي، اجتمعت 68 مدينة أمريكية، من ولايات تنتمي إلى كلا القطبين السياسيين (الديمقراطي والجمهوري) لتوجيه رسالة مفتوحة إلى الرئيس ترامب (قبل تسلمه لمهامه الرسمية)، طالبين منه العمل معهم على أخذ المبادرة نحو مستقبل للطاقات النظيفة.
تعتبر كل هذه أمثلة على ما يتم إنجازه، ليس فقط لتخفيف آثار التغير المناخي، ولكن أيضاً لنشر التوعية حول المشكلة التي تؤثر علينا جميعاً.