 التفويض كما يجب أن يكون

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

	التفويض كما يجب أن يكون

 بقلم : د/ ياسر بهاء الدين
لا يختلف الكثير على أن أكثر المشاكل شيوعاً في معظم المؤسسات تنبع من سوء التواصل بين مستويات الإدارة المختلفة فيما بينهم من جهة وبين الموظفين بعضهم البعض وأخيراً بين الإدارة والموظفين من جهة أخرى. فكثير من المؤشرات التي يكون الاتصال الجيد هو المحرك الرئيسي للتميز في أداء المؤسسات تتأثر بشكل كبير بأدوات وقنوات الاتصال المتبناه على كافة مستويات المؤسسة مثل مؤشرات الحافزية، تكافؤ الفرص، التقييم العادل للأداء، الشفافية، الرضا الوظيفي، الأمان الوظيفي، معدل دوران العمل وغيرها الكثير من المؤشرات التي تعكس مدى فعالية وكفاءة الاتصال داخل المؤسسة.
من أهم طرق التواصل داخل المؤسسات والتي لاحظت في الآونة الأخيرة أنها تتسبب في الكثير من النتائج السلبية هو التفويض بما يشمله من عملية التفويض وهدف القائم بالتفويض وأخيراً من هو معني بالقيام بالمهام محل التفويض. إذاً ما هو التفويض؟
التفويض هو نقل عملية القيام بمهمة بعينها من فرد “A” إلى آخر“B” مع احتفاظ الفرد الأول “A” بالمسؤولية كاملة عن جودة وتوقيت تنفيذ المهمة. وبالتالي فإن هذه العملية تشمل ثلاثة عناصر رئيسية وهي "السُلطة" التي يتمتع بها الفرد الأول “A” والتي تسمح له بتفويض القيام بالمهمة إلى فرد آخر و"المسؤولية" والتي تنتقل بشكل مؤقت من الفرد “A” إلى الفرد “B” للقيام بالمهمة وأخيراً "المحاسبة" والتي يظل الفرد “A” مسؤولاً عن نتائج المهمة حتى وإن كان بمعزل عن عملية تنفيذ هذه المهمة.
للأسف، وفي كثير من الأحيان، يتم الخلط بين المسؤولية والمحاسبة فيقوم المدير مثلاً بإسناد مهمة ما إلى أحد الموظفين بدون اتباع الخطوات السليمة لعملية التفويض (والتي سيتم تناولها فيما بعد) ثم يقع اللوم على الموظف إذا كانت النتائج غير مرضية وهو ما قد يقع بالسلب على العلاقة بين المدير والموظف وبيئة العمل ككل. ورغم ذلك فإن لعملية التفويض العديد من المزايا إذا ما تمت بالشكل السليم والتي يمكن التعرض لبعضها فيما يلي:
1. الهدف الرئيسي لعملية التفويض هو إدارة الوقت بشكل أفضل وبالتالي التركيز على المهام الأكثر أهمية وتفويض بعض المهام التي يمكن لموظف آخر القيام بها بشكل مُرضي.
2. تمكين الموظفين للقيام بمهام ذات مسؤولية أعلى وطبيعة عمل تتطلب مهارات أعلى يمكن اكتسابها.
3. تطوير وإعداد الموظفين للمراحل الإدارية الأعلى.
4. تحفيز الموظفين وخلق روح الإبداع وتحمل المسؤولية.
5. خلق بيئة عمل تتميز بالتعاون وتحمل المسؤولية والمبادرة.
6. نقل المعرفة الضمنية والصريحة للمستويات الوظيفية الدنيا وتجنب مركزية بعض المهام عند أفراد بعينهم.
ورغم هذه المزايا إلا أنني في كثير من المواقف أجد أن لبعض المديرين وجهات نظر أخرى تجعل البعض يخشى أو لا يرغب في عملية التفويض لعدة أسباب منها أن يكون المدير:
A. على اعتقاد بأنه فقط من يستطيع القيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
B. لديه عدم الثقة في قدرات موظفيه.
C. ليس لديه الوقت لشرح ما يجب عمله لإتمام المهمة ويعتقد أنه من الأسهل له أن يقوم بها بنفسه.
وبالرغم من ذلك فإن ليس كل مهمة قابلة للتفويض فهناك بعض المهام لا يجب على المدير تفويضها كأن تكون المهمة على قدر عالي من السرية سواء على مستوى الإدارة العليا أو ذات علاقة بشؤون الموظفين أو أن يكون المدير نفسه ليس لديه المهارة للقيام بها وبالتالي لن يستطيع الإشراف عليها أو الحكم على مدى جودة النتائج أو أن تكون المهمة نفسها ليست ذات أهمية أو أن يشعر الموظف بأن المدير لا يهدف من التفويض إلا نقل المسؤولية وإلقائها على عاتق الموظف.
على المستوى الشخصي فقد تعرضت للعديد من المواقف التي كنت فيها موظف يتم تفويض بعض المهام لي للقيام بها أو التي كنت فيها مدير وأقوم بعملية التفويض والتي تمت بشكل خاطئ وأدت إلى نتائج غير التي كان مخطط لها وذلك بسبب سوء عملية التفويض وعدم اتباع الخطوات العلمية لضمان النتائج المرجوة. ويمكن تلخيص تلك الخطوات في النقاط التالية:
1) تحديد المهام التي يمكن تفويضها.
2) تحديد المهارات المطلوبة للقيام بهذه المهمة وبالتالي الشخص الذي تتوافر فيه هذه المهارات.
3) التأكد من أن الموظف المنشود لديه الوقت الذي يمكنه من أداء المهمة حتى وإن تم التدخل في تنظيم مهامه الحالية أو المساعدة في أداء بعضها وفقاً لأولويات العمل.
4) الشرح المفصل لما يجب عمله والسلطة الممنوحة للقيام بهذه المهمة وتوفير الأدوات والمعلومات اللازمة في حوار مفتوح يشمل كافة الجوانب ويجيب على استفسارات الموظف كاملة.
5) توضيح أهمية المهمة محل التفويض والتأكيد على الالتزام بالجودة المطلوبة والمدة المحددة للانتهاء.
6) التأكيد على فهم الموظف لما هو مطلوب من خلال إعادة شرحه لما يجب عليه عمله خطوة بخطوة.
7) متابعة عملية الإنجاز بشكل متوازن بين عدم التدخل في كل صغيرة وكبيرة وأيضاً عدم ترك العملية بدون أي مراجعة على الإطلاق مع التأكيد على أن الأخطاء مقبولة كفرص للتعلم والتحسين المستمر.
8) التحفيز المستمر للموظف والإشادة بالتطور في الأداء خلال فترة القيام بالمهمة محل التفويض.
9) إعطاء تغذية راجعة بناءة عند الانتهاء من المهمة والعمل على تقديم الشكر المعنوي أو المادي إن أمكن وأن يكون الإطراء على مرأى ومسمع من الزملاء لتحفيز الموظف وتشجيع الزملاء على نشر ثقافة التعاون بين الجميع.
وبالرغم من سهولة ووضوح ما تم سرده سابقاً إلا أن هناك مستويات عديدة من التفويض والتي تتراوح من تحديد ما هو مطلوب من الموظف بشكل كامل دون أي إضافة أو تعديل وحتى أن يتم تفويض المهمة بالكامل حتى مع اتخاذ القرار والتنفيذ دون الرجوع إلى المدير. ويعتمد مستوى التفويض على طبيعة المهمة وأيضاً إمكانيات وخبرات الموظف المناط له مسؤولية التنفيذ.
وأخيراً ومن تجربتي الشخصية فإن الأمر أحياناً يتعدى نطاق العمل إذا ما سادت روح التعاون بين أفراد المؤسسة وكانت هناك رغبة حقيقية من المدير في تطوير الأفراد يصحبها شغف من الأفراد في المساعدة والتعاون وتطوير الذات فقد تصل أحياناً إلى سماع جملة "سأقوم بهذه المهمة فقط من أجلك رغم ضيق الوقت وضغط العمل" حيث يضع الموظف مصلحة المؤسسة نصب عينيه متعدياً مصلحته الشخصية فقط نتيجة كفاءة وفعالية المدير في إدارة الأفراد فهنيئاً لمن كان يرأسه مدير كما يجب أن يكون المدير.

مشاركات القراء